مما اعجبني ( عن مصلحة التقاعد)

اثناء قرائتي لاحدى الصحف المحلية وجدت هذا المقال والذي اعجبني حقا وبعد الاستإذان من كاتب الموضع الاستاذ: خلف الحربي قررت ان انشره في مدونتي:

التركة: ألف معاملة ومليون توقيع

حين تبدأ عجلة (الجرجرة) بالدوران تنتفي الحاجة إلى حروف الجر، كل شيء يجر نفسه بنفسه، المشوار يتفرع عنه مشوار ثانوي والمعاملة الأصلية تنتج عنها معاملة رديفة، دائما الانتظار يلد انتظارا أكبر،… إنها متلازمة (الجرجرة في زمن العولمة)، إذا أصابتك أعراضها في يوم من الأيام فلن تفيدك الشكوى ولن تنفعك الفلسفة، ليس أمامك سوى أن تدرب ساقيك على المشاوير المتعاقبة، أو أن تسأل عن شخص يعرف ابن عم شخص آخر يمكن أن يوصلك إلى شخص ثالث يعمل في الدائرة التي ستبدأ معها مهمة (الجرجرة)، وكل ذلك من أجل أن تذهب إلى مشوار الجرجرة من طريق جانبي!.
خبراء (الجرجرة) كثيرون وموجودون في كل مكان، ومنهم (مازن) الذي بدأت علاقته بهذه الظاهرة الإدارية العجيبة في مرحلة مبكرة من عمره، كان في التاسعة من عمره حين توفي والده قبل أكثر 11 عاما، أسرته كبيرة وإخوته عشرة، لم يجدوا في تركة المرحوم سوى 32 شهادة تقدير وشكر وأوسمة عسكرية، أما راتبه التقاعدي بعد وفاته فقد انكمش إلى 2641 ريال فقط لا غير.
هذا الراتب الضئيل الذي لا يفي بأبسط احتياجات أسرة كبيرة ينقطع بين الفينة والفينة، لتبدأ مع كل فينة من فينات الانقطاع المفاجئ رحلة الجرجرة في مؤسسة التقاعد، مشاوير لإثبات حياة من لا زال باقيا على قيد الحياة من المستفيدين، ومشاوير أخرى لأخذ وكالة من كان مريضا في المستشفى. قصص وأوراق وأختام وتدقيق ملفات وجرجرة ليس لها آخر.
تخيل أن تكون مهمتك إثبات أن الأحياء ما زالوا على قيد الحياة!، تعقيدات تدخل في تعقيدات، لا يهم ما إذا كان عدد أفراد الأسرة كبيرا أم صغيرا.. فالجرجرة لا بد منها، والشحططة تحت لهيب الشمس سوف تكون من أبرز مراحل حياتك إذا ما قررت الحصول على راتب والدك التقاعدي.
هل يمكن أن تزول الجرجرة في يوم من الأيام؟، أليس ثمة طريقة ما تدرك من خلالها كل هذه الكمبيوترات الخاملة أن الأحياء لا زالوا على قيد الحياة، متى سوف تختفي الأوراق الكثيرة المدموغة، هل يمكن أن تظهر طريقة يستطيع الأيتام من خلالها أن يحصلوا على راتبهم التقاعدي ــ الذي يعد مصدر دخلهم الوحيد ــ دون جرجرة؟، هذه أسئلتي أنا.. أما مازن فليس لديه سوى سؤال واحد فقط: (طيب اللي توفي وما خلف إلا بنات.. وش بيكون مصيرهم؟!).


تحياتي لكم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.